وكان حكيم بن حزام رضي الله عنه يقف بعرفة ومعه مئة بدنة مقلدة ومئة رقبة فيعتق رقيقه، فيضج الناس بالبكاء والدعاء ويقولون: ربنا هذا عبدك قد أعتق عبيده ونحن عبيدك فأعتقنا.
ورأى الفضيل تسبيح الناس وبكاءهم عشية عرفة فقال: أرأيتم لو أن هؤلاء صاروا إلى رجل فسألوه دانقاً أكان يردهم؟ فقالوا: لا، فقال: والله للمغفرة عند الله أهون من إجابة رجل لهم بدانق!
وقال ابن المبارك: جئت إلى سفيان الثوري عشية عرفة وهو جاث على ركبتيه وعيناه تهملان، فقلت له: من أسوأ هذا الجمع حالاً؟ قال: الذي يظن أن الله لا يغفر لهم!
ووقف بعض الخائفين بعرفة فمنعه الحياء من الدعاء! فقيل: لم لا تدعو؟ قال: ثَمَ وحشة، فقيل له: هذا يوم العفو عن الذنوب، فبسط يديه ووقع ميتاً!.
فلله تلك المواقف المشرفة، والبقاع المطهرة، والأزمنة المباركة!!
كم فيها اليوم من ضارع منكسر؟ كم فيها من حزين أسيف؟ كم فيها من نائح على ذنوبه باك على عيوبه؟ كم فيها من رجل بادر الله بالتوبة فبادره بالغفران؟ وخط بدموعه كتاب رجوعه فحط عنه وزر العصيان؟ ليت شعري .. كم ينصرف من هذا الموقف من رجال ما عليهم من الأوزار مثقال ذرة! قد ملأت قلوبهم الأفراح وعلت وجوههم المسرة؟
رفعوا الأكف وأرسلوا الدعوات……وتجردوا لله في عرفات
شعثا تجللهم سحائب رحمة……غبراً يفيض النور في القسمات
وكأن أجنحة الملائك عانقت……أرواحهم بالبر والطاعات
هذي ضيوفك يا إلهي تبتغي……عفواً وترجو سابغ البركات
تركوا وراء ظهورهم دنيا الورى…أتوك في شوق وفي إخبات
المصدر : ملتقى التقوى - من ملتقى : ملتقى اسلامنا العظيم
:)8(: